”حكمت أبو زيد” الشجاعة أوصلتها للوزارة والجرأة أسقطت عنها الجنسية
الأكثر مشاهدة
جريئة وعنيدة صفتان ساعدت من امتلكتهما لتتشق طريقها مكللة خطواتها بالنجاح، فحين صمم والدها على تعليمها متحديًا عادات وتقاليد الصعيد الذي حرم التعليم على الفتيات ووقف حينها في وجه الاعتراضات قائلًا "فتياتي لن يتخلفن عن الدرب لمجرد إنهن إناث"، زرع داخل حكمت الصغير آنذاك بذور الشجاعة والجرأة، اللاتي سيوصلنها للوزارة مرة، ولإسقاط الجنسية مرة أخرى.
فواصلت "حكمت" تعليمها حتى وصلت للتعليم الثانوي ولإكماله التحقت بمدرسة حلوان الثانوية للبنات وكانت مدرسة داخلية، لكنها تزعمت داخل المدرسة ثورة ضد الإنجليز والقصر، ما عرضها للفصل واضطرها لإكمال تعليمها في مدرسة الأميرة فايزة بالأسكندرية، لتلتحق بكلية آداب قسم تاريخ بجامعة فؤاد الأول، وتنبأ لها عميد الكلية "طه حسين" بمستقبل باهر لقدرتها على المناقشة بوعي وثقافة، وعادت لتدريس في مدرسة حلوان، وحينما أغلي اسماعيل صدقي الدستور قادت طالباتها بمظاهرة إلى قصر عابدين، وتصف تلميذاتها بالنابهات ومنهن " آمال فهمي" و " نعمات أحمد فؤاد" و"نوال السعداوي"،ولم تكتفي بذلك ابنة أسيوط بل حصلت على الماجستير من جامعة سانت آندروز باسكتلندا، ومن ثم حصلت على الدكتوراه من جامعة لندن، وعادت لمصر لتعين في كلية البنات بجامعة عين شمس.
وما أن حدث عدوان الثلاثي لمصر حتى سافرت إلي بورسعيد وانضمت لفرق المقاومة الشعبية وتدربت على حمل السلاح، وشاركت في عمليات القتال كما شاركت في الإسعافات الأولية.
"قلب الثورة الرحيم" كما اسماها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الذي كان بداية علاقتها به خلاف حول بعض مفاهيم في الميثاق الوطني، وواجهت الرجل الذي لم يجرء أحد آنذاك على معارضته بقوة وجرأة، جعلته يحتفظ باسمها في ورقة أمامه، وليحدث ما توقعه له أستاذها "طه حسين" بمستقبل باهر، فكانت أول وزيرة مصرية وثاني وزيرة عربية، وكلفت بوزارة الشئون الإجتماعية.
أثار تعيينها بعض الإعتراضات بالطبع خاصة من جماعة الإخوان المسلمين وبعض رجال المحافظين خاصة وأن خطوة تعيين المرأة في الوزارة تأخر بسبب رفض المشير عبد الحكيم عامر تعيين امرأة بالوزارة، لكن في عام 1962 كانت الظروف تغييرت وأصبح الموضوع مقبولًا أكثر بعد دخول المرأة قبل بأعوام قليلة البرلمان.
أخدت حكمت منصبها بجدية حتى حققت انجازات استمرت حتى بعد انتهاء فترة توليها المنصب، مثل مشروع الأسرة المنتجة والرائدات الريفيات ومشروع النهوض بالمرأة الريفية، وأشرفت على مشروع تهجير النوبة، وساهمت في صياغة قانون الجمعيات الأهلية عام 1964، وكذلك قانون الضمان الإجتماعي.
لكن في سبعينات القرن الماضي اتعرضت لتهمة الخيانة والجاسوسية بعد أن عارضت للمرة الثانية رئيس مصر لكن في ذلك الوقت كان الرئيس الراحل السادات، فأبدت إعتراضها على اتفاقية كامب ديفيد، فوجدت نفسها بلا جنسية بعد إسقاط الجنسية عنها، وعرض عليها القذافي اللجوء إلى ليبيا وظلت بيها لمدة عشرين عامًا، وعادت في تسعينات القرن الماضي، وبعد 25يناير علقت حكمت عليها "الثورة أعادت لي شبابي وجعلتني أشعر بالعزة والكرامة لأني مصرية".
وجاءت وفاتها بعد ذلك بشهور وهي تقترب من 90 عامًا تحديًا ونضال.
الكاتب
نيرة حشمت
الأربعاء ٠٢ مارس ٢٠١٦
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا